دور التغذية في إدارة مرض السكري من النوع الثاني

Feb. 25, 2025

diabetes

يعد مرض السكري من النوع الثاني حالة مزمنة تتسم بمقاومة الأنسولين و خلل في استقلاب الجلوكوز.

يعد مرض السكري من النوع الثاني حالة مزمنة تتسم بمقاومة الأنسولين و خلل في استقلاب الجلوكوز. ومع تزايد انتشار مرض السكري من النوع الثاني عالميًا، تصبح استراتيجيات الإدارة الفعالة ضرورية لتحسين النتائج الصحية وجودة الحياة للمصابين به. من بين هذه الاستراتيجيات، تأتي التغذية أولها، حيث يمكن لنظام غذائي مخطط بعناية أن يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم، وتقليل المضاعفات. نوضح في هذا المقال أهمية التغذية في إدارة السكري من النوع الثاني.

أهمية التغذية في مرض السكري من النوع الثاني

تعد التغذية السليمة واحدة من أكثر الأدوات فعالية في إدارة مرض السكري من النوع الثاني. حيث تعالج التغييرات الغذائية الأسباب الجذرية للحالة، مثل مقاومة الأنسولين. أظهرت الدراسات أن العلاج بالتغذية الطبية (MNT) يمكن أن يقلل مستويات HbA1c بنسبة تتراوح بين 1-2 %(1،2). علاوة على ذلك، يمكن للنظام الغذائي المتوازن تحسين مؤشرات صحية أخرى، مثل مستويات الكوليسترول وضغط الدم، مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي من المضاعفات الشائعة لدى مرضى السكري.(2)

تتمثل إحدى الركائز الأساسية لإدارة مرض السكري في تبني نظام غذائي غني بالأطعمة الكاملة وغير المصنعة إلى حد كبير، حيث توفر هذه الأطعمة العناصر الغذائية الأساسية مع تقليل الارتفاعات الحادة في سكر الدم. تعد الأطعمة الغنية بالألياف، مثل البقوليات، والحبوب الكاملة، والفواكه، والخضروات، مفيدة بشكل خاص، إذ تبطئ الألياف امتصاص الجلوكوز في مجرى الدم، مما يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم وتحسين حساسية الأنسولين (3). وتوصي الإرشادات الغذائية للأميركيين (DGA) بتناول ما لا يقل عن 14 جرامًا من الألياف لكل 1000 سعر حراري.

بالإضافة إلى تناول الألياف، يلعب توزيع المغذيات الكبرى (الكربوهيدرات و البروتين والدهون) دورًا مهمًا في إدارة مرض السكري. وعلى الرغم من عدم وجود نسبة مثالية موحدة للجميع، فإن التوصيات العامة تشير إلى أن الكربوهيدرات يجب أن تشكل 45-60% من إجمالي السعرات الحرارية، والبروتينات 15-20%، والدهون 20-35%. ومع ذلك، ينبغي تعديل هذه النسب وفقًا للعوامل الفردية مثل التفضيلات الشخصية، والاعتبارات الثقافية، والاحتياجات الأيضية. (4)

أنماط غذائية لإدارة مرض السكري

تمت دراسة بعض الأنماط الغذائية بشكل مكثف لفوائدها في إدارة مرض السكري من النوع الثاني. ومن أبرز هذه الأنماط : "حمية البحر الأبيض المتوسط"، الذي تتميز بوفرة الدهون الصحية من زيت الزيتون والمكسرات، إضافةً إلى الألياف من الفواكه، والخضروات، والبقوليات، والحبوب الكاملة. إن اتباع هذا النظام الغذائي يساعد على تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يمكن أن يؤدي إلى خفض مستويات HbA1c وتحسين مستويات الدهون في الدم (5).

"الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات" تعد خيارًا واعدًا لبعض الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني. فعند تقليل تناول الكربوهيدرات إلى أقل من 26% من إجمالي السعرات الحرارية، يمكن تحقيق تحسينات كبيرة في التحكم في نسبة السكر في الدم وفقدان الوزن. ومع ذلك، يتطلب هذا النظام الغذائي تخطيطًا دقيقًا لضمان تلبية الاحتياجات الغذائية وقد لا يكون مناسبًا للجميع.

كما يعد "تقييد السعرات الحرارية" استراتيجية فعالة أخرى لإدارة مرض السكري، حيث أن فقدان الوزن يعزز حساسية الأنسولين، بل وقد يؤدي إلى تخفيف من حدة المرض لدى بعض الأفراد. وقد أظهرت الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية نتائج فعالة في خفض مستويات HbA1c ووزن الجسم (6).

توصيات عملية

للأفراد المصابين بالسكري من النوع الثاني الذين يسعون إلى تحسين عاداتهم الغذائية، يمكن اتباع الخطوات التالية:
✔️ زيادة تناول الألياف من خلال إدخال المزيد من البقوليات، والحبوب الكاملة، والفواكه، والخضروات في الوجبات اليومية.
✔️ اختيار الدهون الصحية من مصادر مثل زيت الزيتون، والمكسرات، والبذور، والأسماك الدهنية، مع تجنب الدهون المتحولة.
✔️ الحد من الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والمشروبات السكرية.
✔️ اعتماد "الطبق المتوازن": ملء نصف الطبق بالخضروات غير النشوية، وربع باللحوم الخالية من الدهون أو مصادر البروتين النباتي مثل البقوليات والتوفو، وربع آخر بالحبوب الكاملة أو الخضروات النشوية.
✔️ التحكم في حجم الحصص الغذائية لتجنب الإفراط في تناول الطعام، حتى لو كان الطعام صحيًا.

الخاتمة

تعد التغذية حجر الأساس في إدارة مرض السكري من النوع الثاني. وعلى الرغم من عدم وجود نظام غذائي واحد يناسب الجميع، فإن الأدلة تدعم فوائد الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة الكاملة و منخفضة المؤشر الجلايسيمي، إلى جانب تقييد السعرات الحرارية عند الحاجة. تساعد الخطط الغذائية المصممة وفقًا للتفضيلات الشخصية والاحتياجات الأيضية الأفراد المصابين بالسكري على التحكم بحالتهم الصحية وتحقيق نتائج أفضل.

ومن خلال التركيز على استراتيجيات غذائية قائمة على الأدلة، مثل زيادة استهلاك الألياف، واختيار الدهون الصحية، واتباع أنماط غذائية مثبتة مثل حمية البحر الأبيض المتوسط أو النظام منخفض الكربوهيدرات عند الحاجة، يمكن للأفراد المصابين بالسكري من النوع الثاني تحسين تحكمهم في نسبة السكر في الدم وتقليل مخاطر المضاعفات الصحية بشكل ملحوظ.